الدراسات والحوارات القانونية والإجتماعية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الدراسات والحوارات القانونية والإجتماعية

الحوارات القانونية / المقالات / الدراسات 
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 التحكيم في المنازعات الإدارية صديق محمد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 8
تاريخ التسجيل : 30/11/2009

التحكيم في المنازعات الإدارية صديق محمد Empty
مُساهمةموضوع: التحكيم في المنازعات الإدارية صديق محمد   التحكيم في المنازعات الإدارية صديق محمد Emptyالأربعاء ديسمبر 02, 2009 5:24 pm

مقدمة
لابد من الإشارة أولا أن قانون المسطرة المدنية المغربي لم يعرف التحكيم وإنما اكتفى ببيان النزاعات التي لا يجوز فيها التحكيم وبيان مسطرة التحكيم وتنفيذ مقررات المحكمين.
أما المشرع المصري فقد عرف التحكيم في المادة 4 من القانون 27/1994 بأن لفظ التحكيم، ينصرف في حكم هذا القانون إلى التحكيم الذي يتفق عليه طرفا النزاع بإراداتهما الحرة، سواء كانت الجهة التي تتولى إجراءات التحكيم بمقتضى اتفاق الطرفين منظمة أو مركز دائم للتحكيم أو لم يكن كذلك.
ويمكن تعريف التحكيم بأنه وسيلة من الوسائل للفصل في المنازعات يختارها المنازعون للفصل في النزاع الناشئ بينهم عن طريق طرحه على شخص معين أو أشخاص معينين أو هيئة معينة أو على محكم أو أكثر يعنيه القضاء للبث في النزاع دون اللجوء على الجهة المختصة أصلا بالفصل في النزاع .
ويعرفه الفقه الفرنسي ممثلا في الفقه "روبير" "أنه نظام للقضاء الخاص يقضي فيه خصومة معينة من اختصاص القضاء العادي ويعهد بها إلى أشخاص يختارون الفصل فيها".
كما عرفته المحكمة الإداري العليا بمصر على أن اتفاق التحكيم هو اتفاق على طرح نزاع على شخص معين أو أشخاص معينين ليفصلوا فيه دون المحكمة المختصة.
ومن ثم فهو عملية قانونية مركبة تقوم على اتفاق أطراف النزاع معين على عرض خلافهم على محكم أو أكثر للفصل فيه في ضوء قواعد العدالة وفقا لما ينص عليه الاتفاق مع تعهد أطراف النزاع بقبول الحكم الذي يصدر عن المحكمين والذي يحوز حجية الأمر المقضي ويصدر بتنفيذه أمر من السلطة القضائية في الدولة التي يراد تنفيذه بها.
وقد وقع الاهتمام بالتحكيم في المغرب منذ سنة 1693 حيث عقدت الدولة المراكشية في عهد إسماعيل معاهدة مع الدولة الفرنسية في عهد لويس الرابع عشر وهي معاهدة "سان جرمان" وكانت أول معاهدة أبرمها المغرب مع دولة أوروبية تتناول موضوع حالة الأجانب .
ولكن ظهير المسطرة المدنية المؤرخ بـ12 غشت 1993 كان أول ظهير عالج بكيفية مفصلة نظام التذكير فخصص له الباب الخامس عشر من القسم السابع ثم جاء قانون المسطرة المدنية الحالي المصادق عليه بتاريخ 28 شتنبر فألغى كل مقتضيات ظهير المسطرة المدنية لسنة 1913 واهتم كذلك بالتحكيم في الباب الثامن من القسم الخامس أي من الفصول 306 إلى 327 ونلاحظ أن المسطرة المدنية لم تختص وحدها بالتحكيم إذ نجد كثيرا من الفصول المتناثرة في القوانين الأخرى تتناول التحكيم كما هو الشأن في كثير من الظهائر والمراسيم.
وقد عرف النظام القانوني لعدة دول نظام التحكيم منذ زمن بعيد، إلا أن أهمية التحكيم كوسيلة لفض المنازعات بديلا عن القضاء أو بمعنى آخر طريقة لتسوية المنازعات لم تظهر أهميتها وخاصة في المنازعات الإدارية إلا في أوائل الثمانينات من القرن الماضي مع اتجاه الدول إلى الاقتصاد الحر وخوصصة المؤسسات وشركات القطاع العام وتفويت تدبيرها إلى شركات أجنبية عن طريق ما يسمى بالتدبير المفرض.
وقد تأكد في السنوات الأخيرة أهمية الدور الذي يؤديه التحكيم باعتباره وسيلة أساسية لحل النزاعات التي تكون الدولة طرفا فيها فنظرا لزيادة اهتمام الدولة بمجال التنمية الاقتصادية وإبرامها الكثير من العقود مع الأشخاص الطبيعية أو المعنوية الخاصة وما قد ينشأ عن هذه العقود من منازعات أصبح التحكيم الإداري هو الوسيلة المفضلة لدى الشركات الكبرى العالمية ، للفصل في منازعات العقود الإدارية، بل إن الواقع العملي يؤكد أن الدور الذي يلعبه التحكيم في هذه المنازعات أكثر فعالية .
إلا أن الإشكالية تطرح في مجال تطبيق التحكيم على أحكام القانون الإداري، والاعتراف بمشروعية التحكيم كوسيلة لحسم المنازعات الإدارية وإلى خضوع الإدارة للقانون العادي والقضاء العادي خصوصا في الدول التي تأخذ بازدواجية القانون وتنص بعض أحكام قوانينها على حظر اللجوء إلى التحكيم كما هو الشأن بالنسبة للمغرب.
إن دراسة مشروعية التحكيم كوسيلة لحسم المنازعات الإدارية يقتضي بيان دراسة نطاق تطبيقه وكذلك الأسس التي تحظر اللجوء إليه في المنازعات الإدارية.
وكذلك في مشروعيته في بعض المنازعات الإدارية خاصة مع التوجه التشريعي الجديد.
هذه مجمل الإشكاليات التي ستناقشها في هذا العرض والذي قسمناه إلى مبحثين:
المبحث الأول:المبادئ القانونية العامة التي تمنع اللجوء إلى التحكيم في المنازعات الإدارية
المطلب الأول: مفهوم التحكيم في المنازعات الإدارية
المطلب الثاني:الأساس التشريعي والقانوني لحظر اللجوء إلى التحكيم في المنازعات الإدارية
المبحث الثاني: مشروعية التحكيم في المنازعات الإدارية
المطلب الأول: إمكانية التحكيم في العقود الإدارية
المطلب الثاني: مشروعية التحكيم في دعاوى الإلغاء والتعويض.
المبحث الأول: المبادئ القانونية التي تمنع اللجوء إلى التحكيم في المنازعات الإدارية
المطلب الأول: مفهوم التحكيم في المنازعات الإدارية
يطلق على التحكيم مسميات فرعية حسب طبيعية المنازعة التي يراد حسمها عن طريقه، فإذا كانت المنازعة تجارية سمي التحكيم تجاريا وإن كانت المنازعة مدنية سمي التحكيم مدنيا وإذا كانت إدارية سمي التحكيم إداريا.
ويلاحظ أن المشرع لم يتعرض لتعريف التحكيم الإداري وبيان حالاته بل اكتفى باستعراض نظام التحكيم بصفة عامة في قانون المسطرة المدنية في الفصول 306 إلى 327.
ولكن من خلال العديد من الكتابات الفقهية التي تعرضت لموضوع التحكيم الإداري يمكن تعريفه" بأنه هو الوسيلة القانونية التي تلجأ إليها الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية العامة الأخرى لتسوية كل أو بعض المنازعات الحالية أو المستقبلية الناشئة عن علاقات قانونية ذات طابع إداري عقدية أو غير عقدية فيما بينها أو بين إحداها أو أحد أشخاص القانون الخاص الوطنية أو الأجنبية سواء كان اللجوء إلى التحكيم إجباريا أو اختياريا وفقا لقواعد القانون الآمرة.
كما يمكن تعريفه بأنه "نظام استثنائي للتقاضي بموجبه يجوز للدولة وسائر أشخاص القانون العام الأخرى إخراج بعض المنازعات الإدارية الناشئة عن علاقة عقدية أو غير عقدية وطنية وأجنبية من ولاية القضاء الإداري، لكي تحل بطريق التحكيم بناءا على نص قانوني يجيز ذلك وخروجا عن مبدأ الحظر العام الوارد على أهلية الدولة وسائر أشخاص القانون العام الأخرى في اللجوء إليه .
بعد هذا التعريف لابد من التمييز بين التحكيم وبعض الأنظمة المشابهة له في حسم بعض النزاعات.
 التحكيم والصلح: يعتبر كل من التحكيم والصلح وسيلتين لفض المنازعات الإدارية وقد عرف المشرع المغربي الصلح في الفصل 1098من قانون الالتزامات والعقود بأنه" عقد يحسم به الطرفان نزاعا قائما أو يتوقعان قيامه وذلك بتنازل كل منهما عن جزء مما يدعيه لنفسه أو بإعطائه مالا معينا أو حق".
ويشبه التحكيم الصلح في أن أساس كل منهما اتجاه إرادة طرفي المنازعة إلى تسويتها بعيدا عن القضاء سواء كانت تلك المنازعة قد وقعت بالفعل أو ستقع مستقبلا
وعلى الرغم من أوجه التشابه السابقة إلى أن هناك اختلافا بين الصلح والتحكيم يتمثل في أن الأول ينطوي على تنازل كل من طرفي النزاع عن كل أو بعض ما يتمسك به في مواجهة الطرف الآخر في حين تتجه إرادة طرفي اتفاق التحكيم إلى الاتفاق على إحالة النزاع للتحكيم مع اختيارهم المحكم الذي سيعهدون إليه بحسم النزاع بحكم يلزمهم دون أن ينطوي ذلك على تنازلات متبادلة بين طرفي النزاع.
وبناء على ما تقدم فإن الصلح والتحكيم يختلفان في أن الصلح نظاما اتفاقيا صرف من بداية إجراءاته إلى نهايتها، أما التحكيم فهو رضائي فقط في أساسه أي من حيث اللجوء إليه أو عدم اللجوء إليه .
 التحكيم والتوفيق
التوفيق هو احد الوسائل البديلة لتسوية المنازعات بمعنى أنه طريق ودي لفض النزاعات عن طريقه تستطيع الأطراف المتنازعة بأنفسها أو بمساعدة الغير الوصول إلى حل نهائي للمنازعة فإذا نجح الأطراف في التوصل إلى هذا الحل يحررون به محضرا رسميا موقعا من الشخص المختار للتوفيق بينهما.

 التحكيم والقضاء
هناك العديد من الأوجه التي تميز التحكيم عن قضاء الدولة الرسمي تتمثل في أساس ونطاق كل منهما بالإضافة إلى الصلاحيات التي تملكها المحكمة وهيئة التحكيم والآثار المترتبة على كل منها.
ويتضح من تعريف التحكيم انه يستجمع عناصر العمل القضائي والتي تتمثل في الإدعاء والمنازعة والمحكم غير أن هذا التقارب بين التحيكم والقضاء لا يعني عدم وجود اختلاف بينهما، فقاضي الدولة معين بشكل مباشر ومستمر من قبل الدولة وعليه فهو لا يحتاج إلى اختياره لكل قضية على حدة، على عكس المحكم الذي يتم اختياره لكل قضية على حدة ، ويقوم القاضي بإنزال حكم القانون على الوقائع المعروضة عليه بحكم حاسم ملزم للأطراف حيث أن مهمته هي تطبيق القانون، بينما المحكم قد يصدر حكمه وفقا لقواعد العدالة والإنصاف.
وعلى الرغم من أن الحكم التحكيمي يتلقى في الكثير من الخصائص مع الحكم القضائي إلا أنهما مع ذلك يفترقان في أوجه أخرى على وجه الخصوص الحجية والقوة التنفيذية .
المطلب الثاني: الأساس التشريعي والقانوني لحظر اللجوء إلى التحكيم في المنازعات الإدارية
على الرغم من أهمية التحكيم في حسم بعض المنازعات الإدارية نظرا للتطور الذي أصبحت تعرفه الدولة ومجالات تدخلها خاصة في المجال الاقتصادي إلا أنه قد تصطدم هذه الأهمية العملية للتحكيم بموقف التشريع فمازال المبدأ العام في التشريع المغربي هو حظر لجوء أشخاص القانون العام إلى التحكيم لحسم المنازعات الإدارية، ويستند هذا المبدأ إما إلى النصوص التشريعية الواردة في قانون المسطرة المدنية أو إلى أحكام المبادئ العامة للقانون، حيث تضمن قانون المسطرة المدنية نصوصا، وأحكاما يمكن اعتبارها الأساس التشريعي لمبدأ حظر اللجوء إلى التحكيم بالنسبة لأشخاص القانون العام فالمادة 306 من قانون المسطرة المدني تنص على ما يلي"يمكن للأشخاص الذين يتمتعون بالأهلية أن يوافقوا على التحكيم في الحقوق التي يملكون التصرف فيها.
غير أنه لا يمكن الاتفاق عليه:
- في الهبات والوصايا المتعلقة بالأطعمة الملابس والمساكن
- في المسائل المتعلقة بحالة الأشخاص وأهليتهم
- في المسائل التي تمس النظام العام وخاصة النزاعات المتعلقة:
- بعقود وأموال خاضعة لنظام يحكمه القانون العام
- النزاعات المتصلة بتطبيق قانون جبائي
- النزاعات المتعلقة بقوانين تتعلق بتحديد الأثمان والتداول الجبري والصرف والتجارة الخارجية..."
كذلك قضت أحكام الأموال العامة أو ما يسمى بالأملاك العمومية، المنظمة بمقتضى الظهير الشريف المؤرخ في 7 شعبان 1332 الموافق فاتح يوليوز 1914 والذي تم تعديله وتتميمه بظهير شريف 29 أكتوبر 1919 أن إسباغ صفة العمومية على مال من أموال يقتضي إخضاعه لمجموعة من القواعد القانونية التي لا نظير لها بالنسبة لأموال الأفراد و ذلك نظرا لتخصيص هذا المال للمنفعة العامة، وبمقتضى هذه القاعدة فإن التصرفات الخاضعة للقانون المدني من بيع ورهن وإيجار تحكيم إلى آخره لا يمكن أن تطبق على هذه الأموال العامة إلا بعد تجريدها من صفة العمومية.
ويمكن تبرير موقف المشرع بشأن حظر اللجوء إلى التحكيم بخصوص، المنازعات الإدارية خاصة المنازعات المتعلقة بالعقود والأموال العامة للدولة وأشخاص القانون العام الأخرى تحقيق الحماية للأموال العامة وحتى لا يؤدي خضوع تلك الأموال للتصرفات المدنية المختلفة إلى إعاقة تخصيصه لتحقيق المنفعة العامة أو لتعريضه لخطر الضياع أو التسبب في خسائر مادية لخزينة الدولة.
كما يمكن تبرير ذلك بأن اللجوء إلى التحكيم يعني عدم الثقة في القضاء الإداري للدولة الذي أنشأ خصيصا للمنازعات الخاصة بأشخاص القانون العام، وكذلك اللجوء إلى التحكيم قد يمس بامتيازات واعتبارات السلطة العامة.
إن حظر التحكيم في المنازعات الإدارية لا يستند فقط إلى النصوص التشريعية السابق ذكرها، إنما يستند إلى المبادئ العامة للقانون التي يمكن استخلاصها من استقراء النظام القانوني، لذلك فالأشخاص المعنوية العامة لا تستطيع اللجوء إلى التحكيم في المنازعات التي تكون طرفا فيها إذا كانت هذه المنازعات تتعلق بالنظام العام، وعليه ذهب الفقه والقضاء في كل من مصر وفرنسا إلى القول بأن أساس حظر التحكيم في منازعات أشخاص القانون العام يستند إلى المبادئ العامة للقانون-مبدأ الفصل بين السلطات الإدارية والقضائية ولفكرة النظام العام وسيادة الدولة .
أولا: مساس التحكيم بسيادة الدولة:
التحكيم بتعارضه مع مبدأ سيادة الدولة بما ينطوي عليه من سلب لاختصاص القضاء الوطني الذي يعد مظهرا من مظاهر تلك السيادة.
ذلك أنه بموجب اتفاق التحكيم تتجه إرادة طرفيه إلى تسوية نزاعهم بعيدا عن قضاء الدولة، بواسطة محكم يفصل فيه طبقا لقواعد يتفق عليها الخصوم، أو دون التقيد بأية قواعد وضعية ومن ثم فاللجوء إلى التحكيم لتسوية المنازعات الإدارية يعتبر مساسا بسيادة الدولة من ناحيتين أولهما سلبه لاختصاص القضاء الوطني ، وثانيهما سماحه للمحكم باستبعاد القانون الوطني من التطبيق على النزاع محل اتفاق التحكيم .
ثانيا: حظر اللجوء إلى التحكيم استنادا إلى قواعد الاختصاص
إن النشأة القضائية للقانون الإداري، أدى إلى وجود ترابط وثيق بين القانون الإداري والقضاء الإداري فهذا القضاء هو صاحب الاختصاص الأصيل للبث في المنازعات الإدارية، وعليه فإن الاتفاق على حسم هذه المنازعات بالتحكيم من شأنه أن يمثل اعتداء جسيما على اختصاص القضاء الإداري وعلى مبدأ الفصل بين السلطات القضائية، وعليه فإن مبدأ حظر لجوء أشخاص القانون العام إلى التحكيم يستند إلى مبدأ احترام قواعد الاختصاص القضائي بشكل عام، فبإجازة التحكيم ستسمح للقاضي العادي أن يمارس الرقابة على قرار المحكمين في حالة الطعن فيه أو في حالة بطلان اتفاق التحكيم، وبالتالي سيخرج النزاع من الاختصاص القضائي الذي يتبعه وتعرض المنازعات الإدارية على القضاء العادي .
ثالثا:حظر اللجوء على التحكيم استثناء إلى فكرة النظام العام
يؤسس الفقه الرافض لمبدأ التحكيم في منازعات العقود الإدارية رأيه على فكرة النظام العام والذي يرى التحكيم في تلك المنازعات إخلالا بها على اعتبار أن المقصود بهذه الفكرة في القانون الإداري هو تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وهذه الفكرة تهيمن على العقود الإدارية بشكل كامل بالمقارنة بالعقود المدنية، ومن ثم فإنه لا يجوز اللجوء إلى التحكيم بشأنها إلا بنص صريح من المشرع .
حيث أن المحكم لن يلتزم في تحكيمه سوى بتطبيق القواعد القانونية التي يحددها له الأطراف بغض النظر إذا كان هذا التطبيق سوف يؤدي إلى تغليب الصالح العام على الصالح الخاص أم لا.
كما أن القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي للقضاء والضابطة لتوزيع الاختصاص بين جهتي القضاء العادي والإداري تتعلق بالنظام العام ومن بينها القواعد المتعلقة باختصاص المحاكم الإدارية بنظر المنازعات الإدارية ومن تم فلا يجوز للإدارة أن تتفق مع المتعاقد معها على ما يخالف هذه القواعد وإلا كان الاتفاق باطلا كما طرحت مسألة لجوء الدولة للتحكيم في فرنسا منذ القرن 19 حيث أكد فقهاء القانون الإداري بأنه "لا يعقل أن تخضع الدولة لقواعد التحكيم نظرا لنتائجه الاحتمالية واحتراما لقواعد النظام العام التي لا تسمح بمقاضاة الدولة إلا أمام هيئة قضائية أحدثها القانون" في مقابل هذا التوجه التشريعي والقانوني هل يمكن إقرار استثناءات عليه وبالتالي إقرار مشروعية اللجوء إلى التحكيم في بعض المنازعات الإدارية سواء الواردة في النصوص التشريعية السالفة الذكر أو غيرها انطلاقا من أنه نظرا لتعلق فكرة النظام العام بالمصلحة العامة.
فمن الممكن أن يرى المشرع أن اعتبارات المصلحة العامة تقتضى اللجوء إلى التحكيم لحسم بعض المنازعات الإدارية، ففي هذه الحالة يستطيع أن يخرج بعض هذه المنازعات من مجال عدم القابلية للتحكيم إلى مجال القابلية للتحكيم، وكذلك انطلاقا من التأويل والتفسير الذي يرى أنه لا يوجد أي مانع دستوري يحول دون إقرار التحكيم في المجال الإداري، فمبدأ حظر التحكيم له قيمة تشريعية ويجوز للمشرع العادي الخروج عليه.

المبحث الثاني: مشروعية التحكيم في المنازعات الإدارية
تبعا للتوجه الحديث للدولة وتدخلها في المجالات الاقتصادية، وسعيا لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية والاستثمار الداخلي، وعولمة الاقتصاد وخوصصة المؤسسات العامة، فقد أصبح اليوم التحكيم جائزا في بعض المنازعات الإدارية، القانون الفرنسي مرسومي مايو 1980و12 مايو 1981 والقانون المصري رقم 9 لسنة 1997 في مقابل ذلك فلا يزال التشريع المغربي يحظر اللجوء إليه في بعض المنازعات إلا أن التوجه التشريعي الجديد يميل على إجازة التحكيم في بعض النزاعات الإدارية مشروع قانون 05-08 .
المطلب الأول: إمكانية التحكيم في العقود الإدارية
يعرف القضاء الإداري المغربي العقد الإداري بأنه العقد الذي يبرمه شخص من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره، وذلك بتضمين العقد شرطا أو شروطا غير مألوفة في عقود القانون الخاص.
وقد حددت أحكام القضاء الإداري أنه يلزم توافر ثلاثة شروط في العقد الذي تبرمه الإدارة لكي يتوافر على صفة العقد الإداري:
- أن يكون أحد طرفي العقد شخصا معنويا عاما.
- أن يتعلق العقد بإدارة أو تسيير مرفق عام.
- أن يتضمن العقد شروطا استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص علما أن دعوى العقد الإداري تدخل ضمن دعاوى القضاء الشامل وهي دعوى شخصية يهذف رافعها إلى تحديد مركزه الشخصي بما يتضمنه من حقوق مستمدة من العقد، كما في حالة طلب التعويضات الناشئة عن العقد.
من المسلم به أن منازعات العقود الإدارية شأنها شأن سائر المنازعات الإدارية تخضع لنظام قانوني وقضائي مختلف عن النظام القانوني والقضائي الذي تخضع له سائر المنازعات المدنية، وإذا كان المبدأ العام في التشريع المغربي هو حظر اتفاق الأشخاص المعنوية العامة على التحكيم فالتبعية عدم إجازة التحكيم في العقود الإدارية والواقع أن إضفاء الاستثناء على العقود الإدارية واعتبارها متعلقة بالنظام العام محلا للنقد. ففي الوقت الحالي وجه الفقه النقد لمبدأ التمييز بين العقود الإدارية وعقود الإدارة الخاصة، لما يثيره هذا التمييز من صعوبات كبيرة.
إلا أننا نجد بعض الاسسثتناءات المقررة في هذا الخصوص مع رغبة الدولة في جلب الاستثمارات وكذا تفويت بعض المرافق العامة للخواص لإدارتها حيث أصبح يتم إدراج شرط التحكيم في منازعات العقود الإدارية وخاصة عقود الامتياز على الرغم من أن الإدارة تتعاقد هنا باعتبارها شخصا معنويا في إطار مرفق عام اقتصادي، وكأمثلة على ذلك نجد الدولة المغربية والشركة المسماة" شركة التبغ" قد أبرما عقد امتياز أقر التحكيم كشرط لحل جميع الخلافات التي يمكن أن تنشأ بينهما وكذلك العقد الذي أبرمته شركة "أمانديس" مع المجلس البلدي لطنجة بخصوص توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل بحيث تم إدراج شرط التحكيم فيما يخص نزاعات الاستثمار .
وبالرجوع كذلك إلى الظهير الصادر في سنة 1995 (قانون 18.95) وبالضبط المادة 17 نجد أنها تنص على إمكانية تضمين عقود الاستثمار لبنود تقضي بفض كل نزاع ينشأ بين الدولة المغربية والمستثمر الأجنبي وفقا للاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب في ميدان التحكيم.
إلا أن المشرع المغربي قد حسم أخيرا في مسألة التحكيم في منازعات بعض العقود الإدارية حينما نص بصريح العبارة في المادة التاسعة من قانون رقم 05-54 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة على أنه يمكن أن ينص عقد التدبير المفوض إلى اللجوء على مسطرة التحكيم إما وفق التشريع الجاري به العمل أو بموجب اتفاقية دولية ثنائية أو متعددة الأطراف مطبقة على العقد المعني وذلك في حالة وقوع نزاع بين الطرفين المتعاقدين.
كما أن مشروع القانون رقم 05-08 وخاصة الفصل 309 ينص على أنه يمكن أن تكون النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الدولة أو الجماعات المحلية محل اتفاق تحكيم.
وفي الأخير لابد من الإشارة إلى ما أورده الأستاذ محمد النجاري في مقال له أنه "يمكن الحيد عن مقتضيات مرسوم الصفقات فيما يتعلق بالصفقات المبرمة في إطار الاتفاقيات والمعاهدات التي وقعها المغرب مع هيآت دولية أو دول أجنبية إذا نصت هذه الاتفاقيات أو المعاهدات صراحة على تطبيق شروط وأشكال خاصة بإبرام الصفقات ، وفي هذا الإطار أعلنت إدارية الدار البيضاء عن اختصاصاها النظر في قضية تتعلق بطلب إعادة النظر في قرار تحكيمي يتعلق بعقد إداري، وفي الموضوع برفضه بعلة أن الطاعنة وافقت على مبلغ التعويض المقترح عليها في إطار مسطرة التحكيم .
أما المشرع المصري فقد حسم في الخلاف الفقهي والتردد القضائي بشأن جواز التحكيم في العقود الإدارية، فقد تدخل المشرع بموجب القانون رقم 9 لسنة 1997 ليؤكد جواز تسوية منازعات العقود الإدارية من خلال التحكيم وذلك من خلال قيامه بتعديل الفقرة الأولى من قانون التحكيم رقم 28 لسنة 1994، وبالنسبة إلى منازعات العقود الإدارية يكون الاتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة، ولا يجوز التفويض في ذلك ، وكذلك فعل المشرع الفرنسي من خلال مرسوم 14 ماي 1980 و12 مايو 1981، حيث أكد على جواز التحكيم في العقود الإدارية وذلك بعد خلاف فقهي وقضائي حول الموضوع.
المطلب الثاني: مشروعية التحكيم في دعاوى الإلغاء والتعويض
أ- مشروعية التحكيم في دعوى الإلغاء:
إن الطبيعة القانونية للمنازعات التي تنتمي إلى قضاء المشروعية، تتنافى مع إمكانية اللجوء إلى التحكيم للفصل فيها، وأهم هذه المنازعات هي التي تثور بخصوص مشروعية القرار الإداري فدعوى الإلغاء تقوم على الطعن في القرار ذاته، واختصاص القضاء الإداري بهذه الدعوى يتعلق بالنظام العام إذ من المقرر فقها وقضاءا أن دعوى الإلغاء هي وسيلة عامة للدفاع عن المشروعية والصالح العام أكثر منها وسيلة خاصة للدفاع عن الحقوق والمصالح الخاصة، بمعنى القصد منها تصحيح الأوضاع غير القانونية بإزالة كل أثر قانوني للقرارات الإدارية غير المشروعة والمخالفة للقانون، وبالنظر على كون التحكيم يقوم على تراضي الأطراف المتنازعة وعرض القضية على محكم يقبلون حكمه، فهو بذلك يتنافى مع طبيعة هذه الدعوى التي تعتبر وسيلة لحماية المشروعية .
كما أن المنازعات المتعلقة بدعاوى التسوية تدخل في نطاق المشروعية وتقيد بذات القيود التي تقيد بها دعاوى الإلغاء، ويعتبر الطعن موجه إلى قرار الإدارة بتحديد حالة الموظف واستحقاقه، وبالتالي فلا مجال للتحكيم في بعض المنازعات الخاصة بالموظفين وأهم أنواع هذه المنازعات الوظيفية التي لا تقبل التحكيم، لعدم قيامها للدفاع عن حق مالي، المنازعات التي يكون موضعها قررا إداريا بالتعيين أو الترقية أو توقيع جزاء تأديبي أو قررا بنقل الموظف وغيرها من المنازعات التي لا تقوم على الدفاع عن حق مالي وإنما الدفاع عن المشروعية.
كما أنه من صور المنازعات التي تنتمي كذلك إلى قضاء المشروعية الطعون الانتخابية التي يكون موضوعها صحة الانتخاب ومشروعيته وعليه لا يجوز اللجوء إلى التحكيم.

ب- مشروعية التحكيم في دعوى التعويض
كما هو معلوم فدعوى التعويض هي دعوى شخصية ومالية، تهدف إلى حماية المراكز الفردية والحقوق الشخصية لأطرافها ويكون التعويض إما بمقابل عيني أو نقدي، وعليه فلا علاقة لها بمبدأ المشروعية حيث يقف دور القاضي عن حد تعويض المدعي كما أصابه من ضرر من جراء قرار إداري غير مشروع أو فعل مادي ضار من جانب الإدارة ولا تمتد سلطة القاضي إلى محاولة إعدام القرار غير المشروع بهدف حماية المشروعية .
إن القاعدة العامة هي جواز الصلح في دعاوى القضاء الشامل ، وإذا تمت التسوية صلحا، فلا يجوز لأي من المتصالحين أن يجدد النزاع، وعليه ونظرا لجواز الصلح في دعاوى القضاء الشامل ومنها دعاوى التعويض فيجوز التحكيم في هذه الدعاوى، بمعنى أن الصلح جائز في دعاوى التعويض وبالتالي يجوز التحكيم في هذه الدعاوى خاصة، وأن الحق الذي تحميه دعوى التعويض يجوز للأطراف التصرف فيه فهو حق شخصي مالي لهم.
إن الحق المالي يقبل التحكيم حتى ولو ترتب عن عمل لا يجوز اللجوء بشأنه إلى التحكيم، وعليه يجوز التحكيم بشأن التعويض عن أعمال الإدارة حتى ولو كانت مترتبة عن عمل لا يجوز فيه التحكيم كقرار إداري غير مشروع مثلا، بمعنى يجوز اللجوء إلى التحكيم لحسم أي نزاع يثور بشأن طلب التعويض عن أي قررا إداري غير مشروع أو عمل مادي سبب ضررا للغير نظرا لملائمة طبيعة دعوى التعويض مع التحكيم، فهذه المنازعات تتعلق بمسائل ذات طبيعة مالية، وتهدف إلى تعويض المضرور عما أصابه من ضرر وعليه يجوز اللجوء إلى التحكيم بشأنها .



خاتمة
خلاصة القول، فالتحكيم أصبح يلعب دورا كبيرا في فض بعض المنازعات الإدارية خاصة على مستوى الاستثمارات الأجنبية بحيث أصبح المؤسسة المفضلة لدى المقاولات العالمية نظرا ليسر اللجوء إليه وبساطة إجراءاته، كما أن التوجه نظرا ليسر اللجوء إليه وبساطة إجراءاته، كما أن التوجه التشريعي الحديث لمجموعة من الدول قد تضمن التحكيم في بعض المنازعات الإدارية ، ولعلها الإشارة التي التقطاها المشرع المغربي من خلال مشروع مدونة التحكيم والتي حلت محلها مشروع قانون 05-08 المتعلق بالتحكيم والوساطة الاتفاقية، وهو مشروع لابد أن يوفق ما بين متطلبات التنمية الاقتصادية والانفتاح الخارجي وما بين سلطة الدولة وسيادتها والحفاظ على النظام العام للدولة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://droit.akbarmontada.com
 
التحكيم في المنازعات الإدارية صديق محمد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مفهوم التحكيم في المنازعات الإدارية
» فوائد التدبير العمومي الحديث : جزء من بحث الماستر للباحث محمد صديق تخصص القانون الإداري والعلوم الإدارية
» مفهوم التدبير العمومي الحديث: جزء من بحث الماستر للباحث محمد صديق تخصص القانون الإداري والعلوم الإدارية
» دعم اللامركزية واللاتركيز. محمد صديق
» تطور مفهوم التدبير العمومي : جزء من بحث لنيل ماستر للباحث محمد صديق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الدراسات والحوارات القانونية والإجتماعية  :: الفئة الأولى :: العلوم الإدارية :: ماستر قانون المنازعات مكناس-
انتقل الى: